الحجاب مرة أخرى ... و أخرى
بمناسبة اليـــوم العالمي للحجـــــاب
د. ديمة طارق طهبوب - حماسنا
7-3-2009
------------
كثرت أيام النصرة و كلها أو أكثرها مبررة و ضرورية فهي أضعف الايمان فيوم لنصرة الأقصى و يوم لنصرة الأسرى- و يوم على هول الموقفين جد قليل- و يوم للطفل ويوم للعامل و يوم للمرأة و يوم و أيام...و لكن أن يخصص يوم لنصرة الحجاب في دول تدعي قوانينها و مواثيقها ديانتها بالاسلام أمر يسترعي الدهشة !! فالنصرة لا تكون الا للمظلوم و المستضعف و من ضيعت حقوقه فهل وصل حال الحجاب في بلادنا الى هذا الدرك أم أن هذه النصرة من باب مؤازرة أخواتنا المستضعفات في بلاد تدعي حرية و حوار الأديان و الثقافات ولاني لن أقدم سوء الظن في يوم النصرة هذا فسأغضي الطرف عن دول تدخل نساؤه السجون من أجل الحجاب و سأغض النظر عن دول تمنع نساءها من الوظائف والتعليم بغير جرم الا الالتزام بالحجاب .
وسأتوجه لصاحبات القرار وصانعات الحدث اللواتي ان عزمن و تمسكن يجعلن زحزحة الجبال أهون من حرفهن عن الطريق الذي اخترنه قيد شعرة تماما مثل أمهن سمية الخالدة في حرب الارادات التي صمدت بإيمان النساء بينما تزعزع الرجال الحفظة المبشرون بالجنة.
وللصدق فانني لما أردت الكتابة دفاعا عن الحجاب أو في فضائله و مبرراته وجدتني أعوز ما أكون الى الكلمات ذلك أن الحجاب من دلالات الايمان والايمان شعور متلبس بأدق خلجات النفس يفيض على الجسد تخلقا و في الحياة ممارسة . إن أصدق الإيمان ما لا يحتاج الى تبرير و تفسير، إيمان الفطرة، و ما ضل بعض علماء المسلمين الا حين تشدقوا في وصف ما هو واضح وجلي واقتحموا وأقحموا سفسطات المتكلمين و المفسرين .ألا يكفي من مبررات الحجاب و حبه والالتزام به أنه جاء امرا إلهيا كما العبادات الأخرى ساوى به الله ما بين أطهر نساء العالمين، زوجات النبي و بناته، و نساء المؤمنين وقد علم سبحانه أن النفس البشرية لجوج جدلة تركن الى الأهواء فأعطى النساء في الأية نفسها الحكمة من مشروعية الحجاب : "ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين"
يقول السدي في تفسير الأية: "كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام الى طريق المدينة فيعرضون للنساء و كانت مسالك المدينة ضيقة فاذا كان الليل خرج النساء الى الطريق لقضاء حوائجهن فكان اؤلئك الفساق يبتغون ذلك فاذا رأوا المرأة عليها حجاب قالوا هذه حرة فكفوا عنها و اذا رأوا المرأة بلا حجاب قالوا هذه أمة فوثبوا عليها" وبذا تسقط دعاوى التبكيت والكبت والانتقاص والاستعباد التي يضل بها المضلون وتصمد أمام الدعاوى العطية الألهية للنساء ...عطية محبة و حرص و رفعة في الدنيا و الأخرة
وحتى لو استشهدنا بغير الاسلام من الحضارات الأخرى لوجدنا الحجاب مظهر يرفع قدر المرأة و يبين مكانتها الاجتماعية ففي مقدمة كتابه "أضواء على نضال المرأة الفلسطينية" يقول نضال الهندي أن المرأة الحرة في حضارة الأشوريين كانت محجبة وأن الاشورييون من أقدم الشعوب التي كانت نساؤهم تلبس الحجاب و أن العاهر التي كانت تتحجب كانت تتعرض لعقوبات شديدة فتجلد خمسين جلدة و يصب القطران على رأسها. و نظرة بسيطة في الأديان السماوية الأخرى لهي اثبات كاف على ربانية الحجاب الذي اجتمعت عليه كل الأديان و تكللت فرضيته بالاسلام الذي تمم مكارم الأخلاق و الأديان.
وبعيدا عن الفرضية والاقتناع فان الحجاب يواجه الان هجمة شرسة لاجتثاثه بقوة السلطان والقانون بعدما عقمت وعجزت الجهود المتواصلة ومكر الليل والنهار في محوه من واقع المسلمات بل على العكس كان مكر الله القادر خيرا من مكرهم فظهر الحجاب و تجذر في نفس المجتمعات الغربية التي كانت تكيد لنظيراتها العربية والمسلمة وفقدت المحجبات في الغرب الكثير من الحقوق الانسانية التي تقرها كل الشرائع الدولية من حرية التعليم والعمل والاعتقاد واللباس والمساواة مع الأخرين مقابل الالتزام بحجابها الذي ما رضت عنه بديلا رافعة شعار " و في سلامة الدين ما يرضي الفؤاد" مؤكدة أن الحجاب ليس مجرد زي يلبس و يخلع حسبما اقتضت الظروف والمواقع فهو مظهر إيمان لمخبر تقوى وسمع وطاعة وجوهر يضيء عن مكنون عفة و ترفع و حصانة.
قد يقول قائل نساء تلك البلاد أدرى بشعابهم وأقول إن رب الحجاب أدرى بمن فرض عليهن الحجاب و هو أدرى بالشعاب جميعا سبحانه اذ " إن الأرض لله" و رب الحجاب وعد المؤمنات ان هن حرمن من مدراس و جامعات الدنيا انه سبحانه سيملكهن مفاتيح علوم الدنيا و الأخرة اذ يقول سبحانه " واتقوا الله ويعلمكم الله" كما يقول " ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق "
- وان حرمن العمل والمناصب فالرزق بيد الرزاق الذي ما أقسم بنفسه الا في موطن الرزق مطمئنا لنا " وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء و الأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون"
- وأما في موطن الايذاء فمن " تهمته لا إله إلا الله لا يخرج من السجن أبدا لا تنفعه شفاعة الشافعين" ولكم تمنينا أن يكون لنا باب الى الجهاد وأقعدتنا الأعذار.. كم حسدنا الرجال على جهادهم وأجورهم فأبى الله الا أن يعطينا كما أعطى أشقاءنا ترسيخا لمبدأ العدل الرباني " ومن يعمل من الصالحات من ذكر أوأنثى و هو مؤمن فاؤلئك يدخلون الجنة و لا يظلمون نقيرا"
- اما السعادة والزواج و الحرية مما يتذرع به المعاندون فالسعادة لا تتأتى الا برضى الله و ما عدا ذلك ليس الا مخدر أفيونيا تفيق منه صاحبته على ألم وتفريط وسراب بقيعة فهل هي سعيدة من عرضت جمالها على كلاب البشر و نثرت حسنها لذئاب الناس ؟؟ لا شيء يرفع قدر المرأة كالعفة و صدق الدقاق اذ قال " من ملك شهوته في شبيبته صيره الله ملكا حال كهولته كيوسف عليه السلام الم يقل سبحانه " إنه من يتق و يصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين"
وأما الزواج و تأخير الحجاب إلى ما بعد الزواج و كأنه حائل يمنع الزواج الذي هو قدر من أقدار الله المؤقتة ، فالله كتب لكل نفس زوجها و جعل الزواج أية من أياته لا تؤثر به تدخلات البشر عرضا و تكشفا
- وأما دعاوى خلع الحجاب بحجة الحرية فقد تتخفى العبودية في ثياب الحرية كما يقول سيد قطب و هي " حرية مقنعة لانها في حقيقتها خضوع و عبودية للميول الحيوانية، تلك الميول التي قضت البشرية عمرها الطويل و هي تكافحها"
ورحم الله أيام جداتنا عندما كانت النساء وأعراضهن وعفتهن خطا أحمرا تهون النفس دونه حتى الأرض على قدسيتها تساوت مع قدسية العرض فجرى المثل " أرضك عرضك" و لما ضاعت الأولى ضاع الاخر على أثرها
أخيرا أختنا رسالتنا اليك أن اصبري و صابري لانك
يا اختنا انت العفيفة و المصونة بالحجاب
يا اختنا فيك العزيمة و النزاهة و الثواب
يا اختنا صبرا تذوب ببحره كل الصعاب